فالمسلم الذي يريد أن يحافظ على الفرائض يأتي بالنوافل، والذي يريد أن يستكمل النوافل يأتي بها على أكمل الوجوه؛ ولذلك يتفاوت الناس في النوافل ويتفاوتون تبعاً لذلك في الفرائض، كما قال الله تعالى في الحديث القدسي: ( وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ) ثم قال: ( ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ).
فأول ما يجب على العبد أن يأتي به الفرائض، فإذا أراد زيادة في ذلك فإنه يأتي ويتقرب بالنوافل، ولا يعني ذلك أنه يشتغل بالنوافل ويترك الفرائض، فهذا ليس منهجاً صحيحاً، بل مما يورده الشيطان ويحرص عليه، لكن من أراد أن يحفظ الإيمان الواجب فليجتهد وليسع في تحقيق الإيمان الكامل، ومن هنا كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم يتعاهدون إيمانهم ويجددون إيمانهم، وقد عقلوا وفقهوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ) يعني: يبلى، أرأيت قطعة الثوب كيف تخلق وكيف تبلى حتى تتمزق وتتقطع؟! كذلك الإيمان في القلوب، فلا بد من تجديد الإيمان، ولا بد من تعاهد الإيمان، فالإيمان كأنه شجرة إن لم تسقها كل يوم ذبلت، وربما أدى بهذا ذلك إلى أن تموت.